تنطبق مقولة «مصائب قوم عند قوم فوائد» على مدرّبَي برشلونة وريال مدريد، إرنستو فالفيردي والفرنسي زين الدين زيدان توالياً، إذ أنّهما يخوضان الليلة موقعة الـ»كلاسيكو» المؤجّلة من دون أيّ خوف على منصبيهما.
«لن أقول لكم أنّ ما قيل (عنه حينها) لم يؤلمني، لأنّه آلمني، لكن ليس بإمكاني منع الناس من التعبير عن رأيهم»
لو أقيمت المباراة المقرّرة في المرحلة العاشرة من الدوري الإسباني في موعدها السابق أواخر تشرين الأول، لكان أحد الفريقين بمدرب جديد حاليّاً لأنّ مِقصَلة الإقالة كانت تهدّد فالفيردي وزيدان في تلك الفترة نتيجة وضع الفريقين، لكن تمّ إرجاؤها بسبب أعمال العنف في كاتالونيا احتجاجاً على سجن 9 قياديّين انفصاليّين ما بين 9 و13 عاماً، بسبب دورهم في محاولة الإقليم الانفصال عن مدريد عام 2017.
وشتّان بين أواخر تشرين الأول واليوم، إذ ارتقى مستوى الفريقين كثيراً منذ حينها وهما يدخلان مباراة الليلة في «كامب نو» على المسافة ذاتها في صدارة الترتيب مع فارق الأهداف لصالح برشلونة، وذلك بعد أن ضَمِنا أيضاً بطاقة عبورهما الى ثمن نهائي دوري الأبطال.
وقبل مرحلة على دخول الدوري في عطلة الأعياد، سيسعى كل من الفريقين لحسم اللقاء والانفراد بالصدارة مع أفضلية إحصائية لبرشلونة الذي لم يَذق طعم الهزيمة أمام النادي الملكي في المباريات الـ6 الأخيرة، بينها نصف نهائي الكأس الموسم الماضي.
كما أنّ عملاق كاتالونيا لم يسقط في الدوري على أرضه أمام ريال منذ الثاني من نيسان 2016 حين خسر بهدف لجيرار بيكيه مقابل هدفين للفرنسي كريم بنزيمة والبرتغالي كريستيانو رونالدو. وخلافاً لِما كان عليه الوضع أواخر تشرين الأول، فإنّ خسارة مباراة الليلة لن تشكّل تهديداً لأيّ من المدربَين شرطَ ألّا تكون بنتيجة مذلّة.
بالنسبة الى زيدان الذي كان مهدّداً بالإقالة قبل قرابة الشهرين مع الحديث أيضاً عن بديله المحتمل الذي أصبح الآن مدرّباً لتوتنهام الإنكليزي أيّ مدرب النادي الملكي السابق البرتغالي جوزيه مورينيو، فإنّ «كرة القدم تنسى ما فعلته في السابق. لن أقول لكم أنّ ما قيل (عنه حينها) لم يؤلمني، لأنّه آلمني، لكن ليس بإمكاني منع الناس من التعبير عن رأيهم».
بالنسبة لبرشلونة، تمّ ذكر اسم مدرب المنتخب الهولندي رونالد كومان للعودة الى الفريق كمدرب بعد أن دافع عن ألوانه كلاعب بين 1989 و1995 وكمساعد مدرب بين 1998 و2000.
وإذا كانت إشاعات الإقالة في حينها مصدر إزعاج لفالفيردي، فإنّ مستوى الفريق في أرضية الملعب خلال تلك الفترة كان مصدر قلق حقيقيّ للمشجّعين والمدرب على حدٍّ سواء، فبرشلونة فاز بمباراتين فقط من أصل الـ5 الأولى.
«يجب أن نسير في طريقنا»
وعلى الرغم من تحسُّن نتائج النادي الكاتالوني، إلّا أنّ الأداء بقيَ بعيداً عن المستوى الذي اشتهر به الـ»بلاوغرانا» بقيادة الأرجنتيني ليونيل ميسّي، مع تكريس مشكلة سابقة في الفريق وهي الأداء الدفاعي المتأرجح، بالإضافة الى عجز فالفيردي عن استخراج أفضل ما يملكه مهاجمه الجديد الفرنسي أنطوان غريزمان الذي سيتواجه مع مواطنه كريم بنزيمة، متصدّر ترتيب الهدافين بـ12 هدفاً مشاركة مع ميسّي.
وبعد معاناة في ظلّ غياب ميسّي لإصابة تعرَّض لها في حصته التدريبية الأولى مع الفريق استعداداً للموسم الجديد، استعاد برشلونة بريقه مع عودة الأرجنتيني الذي سجّل منذ حينها 8 أهداف، بينها ثلاثيتان «هاتريك»، بالإضافة الى 4 تمريرات حاسمة في 6 مباريات ساعد بها غريزمان لإيجاد حسّه التهديفي مجدّداً، وتسجيله 3 أهداف في مبارياته الـ5 الأخيرة.
وفي معسكر ريال، حمل زيدان معه من الموسم الماضي عبء الأداء المتواضع للفريق الذي عاد إليه في آذار خلفاً للأرجنتيني سانتياغو سولاري بعد الخروج من نصف نهائي الكأس على يد برشلونة بالخسارة إياباً في «سانتياغو برنابيو» 3-0، ثم السقوط في الملعب ذاته 0-1 أمام النادي الكاتالوني في الدوري ما تسبّب بتخلّفه عن الأخير بفارق 12 نقطة، بالإضافة الى التنازل عن لقب دوري الأبطال الذي أحرزه لـ3 مواسم متتالية بقيادة الفرنسي، بالخروج على يد أياكس الهولندي بعد الخسارة المذلّة في ملعبه أيضاً 1-4.
«المزيد من الحياة»
وإذا كان جمهور النادي الملكي متسامحاً مع زيدان في الأشهر المتبقية من الموسم الماضي، فإنّه بدأ التشكيك بقدرته على انتشاله من كبوته بعد ظهور الفريق في الأشهر الأولى من الموسم الجديد بالمستوى نفسه الذي كان عليه الموسم الماضي، إذ تعادل في اثنتين من مبارياته الأربع الأولى في الدوري قبل أن يتلقّى هزيمة مُذلّة أمام باريس سان جيرمان الفرنسي 3-0 في مستهل مشواره القاري.
وعندما خسر خارج ملعبه ضدّ ريال مايوركا 0-1 قبل أيام معدودة على الموعد الأصلي لموقعة الـ»كلاسيكو»، بدا أنّ زيدان في طريقه لتوديع القلعة البيضاء.
في حينها، شدّد الفرنسي على أهمية «أن يكون لدينا ثبات في أدائنا. يجب أن يكون هناك المزيد من الحياة في طريقة لعبنا».
ونجح زيدان منذ حينها في تحقيق ما أراده، إذ خلق فريقاً أكثر استقراراً، باكتشافه لاعب وسط ديناميكي كان الفريق بحاجة إليه منذ فترة طويلة بشخص الأوروغوياني فيديريكو فالفيردي (21 عاماً)، فضلاً عن الجوهرة البرازيلية الشابة رودريغو (18 عاماً).
وما ساهم بشكل أساسي في استفاقة ريال هو عودة بنزيمة الى مستوى الهداف الذي كان عليه سابقاً، بمساعدة من الوافد الجديد البلجيكي إدين هازار الذي عانى قبل التأقلم مع النادي الملكي، قبل أن يتعرّض في أوائل الشهر الحالي لإصابة ستُبعِده عن الـ»كلاسيكو».
دعوات التظاهر تهدّد المباراة
تترافق المباراة مع دعوات للتظاهر خارج الملعب من قِبَل الانفصاليّين الكاتالونيّين الذين يطالبون بالاستقلال عن مدريد.
وبعد مرور قرابة شهرين على الموعد الأصلي للمباراة، لم يتغيّر الوضع والتهديد ما زال قائماً لأنّ الانفصاليّين يرون في هذه المباراة فرصة لإيصال رسالتهم الى ما يقارب 650 مليون شخص سيتابعون اللقاء من خلف شاشات التلفزة حول العالم، بحسب تقديرات رابطة الدوري الإسباني «ليغا». وأعلنت السلطات المحلية في إقليم كاتالونيا الجمعة أنّه سيتمّ تخصيص حوالى 3 آلاف من رجال الشرطة والأمن الخاص من أجل مباراة الـ»كلاسيكو»، وذلك تخوّفاً من حصول أيّ استهداف من الانفصاليين.
وأفادت أوجيني سالينت المفوضة العامة للهيئة الإقليمية في كاتالونيا أنّ ما مجموعه ألف شرطي من عديد الشرطة الإقليمية الكاتالونية سيضاف إلى عدد من الأمن العام والخاص ما سيرفع العدد إلى ثلاثة آلاف شخص.
عادة وفي مثل هذا النوع من اللقاءات التي تعتبر «عالية الخطورة»، يتمّ تعزيز الوضع الأمني بنشر «المئات» من الأفراد الأمنية على جانبي الملعب لمواجهة دعوة التظاهر الموجهة من «منظمة تسونامي الديمقراطية». قامت هذه المجموعة مجهولة الأعضاء بتنظيم الحصار الجزئي لمطار برشلونة في تشرين الأول الماضي وقطعت الطرق السريعة الرئيسية بين فرنسا وإسبانيا لمدة يومين في تشرين الثاني.